لم تنم بلدية القديد غرب ولاية الجلفة طوال ليلة البارحة، بعد أن تناهى إلى سكانها انه تم العثور على الفتى الذي اختفى في ظروف غامضة مع نهاية تسعينات القرن الماضي وهو على عتبة العشرين عاما.
حينها تم البحث عنه في كل مكان والكل وقتها كان يتصور أنه اغتيل أو قتل بحكم الظروف الأمنية التي كانت تعيشها الجزائر آنذاك، حتى أن والدته توفيت حسرة عليه.
الفتى الخلوق وحسن الهيئة والمظهر تقول المصادر المقربة أن اختفاءه كان من عاصمة الولاية الجلفة حيث قصدها مسافرا من بلديته القديد. وبعد أن اختفى ونسيّت قصته لسنوات، غير أنه عاد ليكون حديث الشارع ببلدية القديد وتم تداول أخبار بين بعض السكان يقال أن مرجعها منشور على صفحات التواصل الاجتماعي من شخص مقرب من مختطفه يؤكد أن الشاب المختفي " ب. عمر" على قيد الحياة وبصحة جيدة.
وأنه يعيش ببلديته ولم يخرج إلى بلدية آو ولاية أخرى وأنه لا يخرج إلى الشارع بل إنه يعيش قريبا من منزل أسرته لأن من أخفاه هو شخص على عتبة الستين عاما اليوم وأن هذا الشخص موظف ويعيش بمفرده في بيته لم يتزوج ويمشي وحيدا وقد أخفاه طيلة هذه المدة.
وحين راجت هذه الأخبار بدأت أسرته في البحث عنه وبدأت تستحضر بعض الأدلة حين غاب منذ سنوات، حيث كان للضحية كلب يرافقه دائما، ظل ملتصقا بالبيت الذي تم احتجازه فيه طيلة هذه المدة طويلة لأنه كان يشم رائحة صاحبه وفجأة اختفى الكلب هو الآخر.
وبدأت رحلة البحث من طرف أقاربه الذين اقتحموا بيت المختطف وهو بوسط مدينة القديد ليجدوا الضحية وسط دار معبأة بمادة التبن واستخرجوه وتدخلت مصالح الدرك الوطني لبلدية القديد حيث قاموا بتوقيف المختطف .
وفي ذات الوقت تم حمل الضحية لمباشرة إجراءات صحية وأمنية واستكمال التحقيق في قضية غاب فيها "عمر" فتى وعثر عليه كهلا فهو من مواليد سنة 1979 واكتشف السكان والأقارب أنهم كانوا يبحثون عن الفتى الغائب في أماكن بعيدة وهو في قلب المدينة وغير بعيد عن مسكن عائلته.
فرحة العائلة الغامرة
وإذا كان سكان المدينة لم يناموا طوال الليل في تجمع كير أمام مقر فرقة الدرك الوطني حين تم العثور على الشخص والقبض على الجاني وهذا من أجل الفوز برؤية الغائب منذ ربع قرن ورؤية الجاني " ب ع " الحارس ببلدية " القديد " والذي يظهر عليه أنه شخص طبيعي مرح يخالط الجميع كيف صدم الكل بهذه الفعلة ، فإن عائلة الضحية " ب عمر " كانت تحت وقع المفاجأة السعيدة جدا .
فالوالد المريض طريح الفراش والإخوة والأخوات لم يكونوا يتوقعون أنهم سيجدون ابنهم بعد كل هذه المدة كما تحدث للخبر ابن عمه ب بلخير " واعتبر انها معجزة الهية تتحقق ، بل إن والدة الضحية التي فارقت الحياة منذ سنوات كانت تؤكد لهم بأن ابنها موجود غير بعيد عنها بل وأحيانا تشير إلى البيت الذي يوجد فيه الإبن وهو على بعد نحو 60 مترا من بيتها .
وفي خضم التصريحات التي أكدها الجيران والأقارب كان قاسمها المشترك أن الضحية كان يملك كلبا وهو الذي دل على وجوده لأنه كان ملتصقا بالباب الذي ذهب غليه الغائب ولكن الجاني تفطن للكلب فقام بوضع السم له ليوجد الكلب ميتا أمام بيت عائلة الغائب ، والأكثر من ذلك أن الضحية كان يتردد على الجاني كعشرة جيران ومعارف ويذهب إلى بيته لأن الجاني كان يعيش وحيدا فهو لم يتزوج ، ولعل بعض الشباب يجد راحة عند هذا الجاني فيجلسون معه للسهر وتبادل الحديث.
ويضيف بعض محدثينا أن الجاني كان على معرفة بالشعوذة وكان الضحية " عمر يملك في يده اليسرى زهرية " خط مستقيم على طول الكف ما يرجح أنه اختاره ليقوم من خلاله بعدد من الطقوس وجلب الأموال .
وهذا ما اكده الذين قابلوه بعد تحريره حين قصد اقارب الضحية بيت الجاني طالبين منه السماح لهم بالبحث عن الضحية لأنهم يشكُّون بوجوده عنده بعد كل هذه السنوات خاصة ان قريبة الجاني نشرت في صفحات التواصل عن الغائب ووجوده في بيته ما سمح لهم بالدخول والبحث حيث كان قد خبأه بإحكام وسط أكوام من ربطات التبن ووضع عليه باب من الخشب.
وحين دخلوا تفرقوا مع الغرف فلم يجدوه لكن احدهم سأله عن كومة التبن فأجاب بأنها لأغنامه لكن اتجه إليها الجميع والبحث فيها فإذا بالمفاجأة أن الضحية تحت هذه الأكوام ، وحاول ساعتها المجرم الهروب لكنه وجد من يحيط بالمنزل وتم القبض عليه واقتياده إلى فرقة الدرك الوطني بالبلدية التي تنقلت إلى المنزل ونقلت ايضا الضحية الى مقر الفرقة وبعدها إلى المستشفى للفحص وتنقلت إليه أسرته عند مقر الفرقة ليتم نقله نهار اليوم إلى عاصمة الولاية لإجراءات أخرى منها الفحص النفسي.
العبارات الأولى للضحية
في حين كانت العبارات الأولى للضحية أنه كان يتابع كل شيئ من وراء النافذة وحين يحاول الخروج لا يقدر على أن يتجاوز مساحة معينة من السكن وكأنه مرصود بها ومربوط بها لايتجاوزها وحتى إذا حاول ان ينادي لايستطيع .
وبؤكد أنه كان يتابع كل الأخبار ويعرف بأن أمه توفيت وكل الأحداث بالبلدية وخارجها محلية ووطنية حتى الكورونا وضحاياها ، مما يدل وفق البعض على أنه تعرض لسحر وشعوذة، لكن بمجرد أن تجاوز محيط المنزل انطلق حديثا ومشيا وبدأ يحي كل من يعرفهم ، ويتبادل معهم الحديث .
وأما الوالد فلم يستطع أن يعبر كما قال لنا أبناؤه وحتى باقي الأفراد كانوا بين مصدق ومكذب كأن ابنهم عاد من الموت . في الوقت الذي دخلت فيه فرقة الشرطة العلمية بيت الجاني للبحث عن خبايا واسرار تخبئها هذه الدار وتبقى التحقيقات متواصلة لعلها تكشف حقائق ومستجدات